بعد صراع طويل مع المرض التحقت بالرفيق الاعلى الاعلامية مليكة ملاك
من المؤكد أن التلفزيون المغربي، في بداية التسعينيات، استطاع مع إطلالة مليكة ملاك بعمقها وذكائها وحضورها الثقافي، أن يرفع منسوب متابعة البرنامج الحواري “وجه وحدث”، لأنها عرفت دائما كيف تكون قوية في القضايا العامة التي تثيرها. لم تكن زاهدة في طرح الأسئلة الحقيقية، ولا في إثارة الشغب المعرفي كانت القناة الثانية آنذاك قناة خاصة، وكان الغرض من إعدادها هو إظهار الوجه الآخر للمغرب والصوت الآخر عبر التلفزيون، فجاء برنامج «وجه وحدث» ليعكس هذا التحول العميق عبر استضافة فاعلين في المشهد السياسي وتسليط الضوء على قضايا حساسة تعكس الواقع السياسي المغربي في هذه الفترة حتى سنة 1996 حيث تم توقيف برنامج وجه وحدث“.
لقد كانت مليكة ملاك، وهي تطل علينا من خلال برنامجيها “وجه وحدث” و”في الواجهة”، تصر على احترام معاملات الذكاء لدى المتتبعين، وتحرص على تضعيف الاحترام والالتزام. بل استطاعت، رفقة مجموعة من زملائها، أن تدخل مفاهيم جديدة في اللغة الإعلامية، مما ساهم في التحول من وضع معين إلى وضع آخر أكثر انفتاحا على حرية الرأي و التعبير
غير أن الرائع في القضية هو أن المغرب ربح امرأة استثنائية بكل المقاييس، لا تتنازل عن ما تعتبره جوهريا ومبدئيا، رغم كل المتاعب التي جرها عليها تمسكها بالحرية. وهو ما تكلل بعودتها، أثناء حكومة التناوب التي ترأسها الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي، إلى القناة نفسها ببرنامج آخر بالمواصفات الإعلامية نفسها، يحمل عنوان “في الواجهة“.
وتعتبر مليكة ملاك إعلامية وباحثة في السياسة، ذلك أنها خريجة “جامعة كيبيك” في العلوم السياسية، وهي من ألمع الصحافيات ومقدمي البرامج الحوارية في المغرب، حيث ما زالت تجربتها المهنية في “القناة الثانية” إلى حدود الآن حاضرة بقوة في ذاكرة المهتمين والمتتبعين، وهي تجربة امتدت عبر عشر سنوات قدمت خلالها برامج سياسية ناجحة، تعاطت مع قضايا ساهمت في التحول السياسي المغربي، إذ استضافت فيها سياسيين واقتصاديين ومثقفين بارزين.