صفرو سوريز- عبد العزيز البوهالي:
سؤال فرض نفسه يوم الأحد 29 نونبر 2015 على مكتب رئيس الحكومة المغربية وسيفرض نفسه مرة أخرى يوم الخميس 10 دجنبر 2015 الإضراب العام الوطني، فهل سيجد جوابا مغايرا للأجوبة السابقة ، أجوبة التحدي بالنزول للشارع والمزايدة والشعبوية والهزلية ؟ أم أن الحكمة قد تتغلب هذه المرة وتعود الحكومة للرشد ؟ أم أن ضغطا ما سيعطي أكله ويفرض على الحكومة التجاوب مع المطالب الاجتماعية الشرعية والتراجع عما تواجه به الشغيلة المغربية ؟ نحن نزعم أنه قبل جميع الحالات على الحكومة أن تعي شيئا واحدا أساسيا هو أن المغرب والمغاربة لم تعد لهم القدرة على تحمل العبث والارتجال ، ولم يبق لديهم ولو ملمتر واحد في مساحة الصبر الذي استنفذوه ، وعليه الحكمة تقتضي نفض المخ والمخيخ من الأوهام التي عششت فيهما وعلى الكراسي الحكومية ،ووضعها جانبا ، ولابد من الابتعاد عن سياسة التعنت والثقة العمياء ، في النفس، الزائدة عن اللزوم ، لأن مسيرة اليوم بالدار البيضاء التي التأمت فيها مختلف شرائح المجتمع المغربي مدعمة بالقوى النقابية الأربعة والحقوقية الجادة والسياسية التاريخية والحضور المتميز والمنظم لكل الفئات الاجتماعية … عبر خلالها الكل عن نفاذ صبره من السياسة الحكومية المتجاهلة للمطالب والمطالب المستعجلة، والمستنكرة للحقوق الشرعية ،والمجتهدة في عملية التراجعات والإجهاز على المكتسبات … مسيرة اليوم رفعت شعارات ذات بعد ومعني عميقين رافضة تحميلها نتائج وتبعات أخطاء وفساد المفسدين خصوصا فيما يتعلق بصندوق التقاعد، مستحضرة كل الأساليب للدفاع عن حقوقها ومكتسباتها باستعداد تام ودون قيد أو شرط … وبروح المسؤولية والأخلاق النضالية العالية توجت المسيرة بنجاح واضح خصوصا من حيث نوعية الحضور رغم المحاولة اليائسة لبعض الأزلام الذين حاولوا نسفها خدمة لأجندة سياسوية معروفة بتاريخها التدميري…،إلا أن يقظة شباب اللجنة التنظيمية أفشلت هذه المحاولة لتتعرى فضيحة أولئك وهم يغردون خارج سرب المسيرة بشعار بعيد كل البعد عن مطالب الشغيلة المغربية ” كالاستنجاد برئيس الحكومة لإقالة أحد القادة النقابين …”
علت الحناجر بشعارات منددة بالسياسة الحكومية اللاشعبية من خلال الزيادات المتتالية في كل شيء إلا الأجور، محذرة من المساس بالحقوق والمكتسبات …علت الحناجربشعارات تنادي برحيل الحكومة ورئيسها الذي يدق المسمار الأخير في نعش هذا الشعب ويجتهد للقضاء على الطبقة الوسطى ومحوها من الوجود رغم كونها صمام الأمان في كل مجتمع …بحت الحناجر وهي تندد بالسياسة الحكومية والعبث الذي تمارسه … بحت الحناجر وهي تردد آن الأوان للانتقال للخطوات التصعيدية الأكثر فعالية ملقية بالكرة في ملعب رئيس الحكومة الذي عليه أن يعي أنه يقرر في مصير شعب بأكمله في وطن اسمه المغرب ضحى الشرفاء من المغاربة من أجله ، وليس في قطيع بوسية يمتلكها… وعلى من يتوهم أنها مجرد صيحات ساعتين أم ثلاث أن يتحمل مسؤوليته التاريخية ويكون مستعدا للمحاسبة عندما يكذب الواقع تخميناته … فليس كل من يطالب بحقه يمارس الفتنة ، وليست الآلاف من أبناء الشعب المشاركة في المسيرة والمدعمة لها والمتعاطفة معها، ولا المنظمة لمسيرات واحتجاجات أخرى في مختلف القطاعات…، خرقاء ولا خارجة عن القانون .
إن استحضار الحكمة وجعل مصلحة الوطن ،الموازية لمصلحة الشعب، فوق كل اعتبار ،وتحكيم العقل، وتجنب ردود الأفعال، قد يعفينا من الوصول لمحطة 10 دجنبر 2015 وما بعدها .